اعلان

الأحد، 11 أكتوبر 2015

الغزو الثقافي وتدهور الأمم (بقلم/ حسن الحضري)



الثقافة ليست مجرد القراءة والاطلاع، أو التحاور وتبادل الآراء أو ما أشبه ذلك؛ بل هي منظومة معقدة ذات أبعاد متشابكة، تتداخل في كل شيء، فهي العامل المشكِّل للفرد بصفة خاصة وللمجتمع بصفة عامة من خلال عمليتي التأثير والتأثُّر.
بعض الناس ينظرون إلى الثقافة من منظور واحد، وهذا المنظور يختلف من فرد إلى فرد ومن جماعة إلى جماعة ومن بيئة إلى بيئة... وفي النهاية يصب هذا كله مجتمعًا في تعريف الثقافة، فالثقافة هي فكر الإنسان وعقيدته وعاداته وتقاليده وسلوكه وردود أفعاله.. حتى أنواع الطعام الذي يأكله، وألوان الملابس التي يرتديها وغير ذلك مما يتعلق بأنماط حياته المتعددة بمراحلها المختلفة؛ كل ذلك يندرج تحت مفهوم الثقافة.
من هنا يتبين لنا أن نُظم الحكم، وأساليب الإدارة، وطرق التنمية وغير ذلك مما يتعلق يالفرد أو الجماعة؛ ما هو أيضًا إلا جزء من هذه المنظومة الثقافية، وهنا يكمن الخطر؛ فإذا أرادت جماعة بشرية هدم جماعة أخرى فالسبيل الأوحد أمامها هو الغزو الثقافي؛ وهذا معناه هدم الثقافة السائدة في هذه الجماعة المراد احتلالها، ونشر ثقافة أخرى تساعد المحتل في الوصول إلى مآربه؛ لأن من طبيعة الغزو الثقافي تغيير النمط المعيشي للمغزو على النحو الذي يفرضه الغازي ليصل به إلى أهدافه ويحقق من خلاله غايته، فهو يستطيع من خلاله تغيير الفكر والعقيدة والسلوك وغير ذلك مما يتعلق بنمط حياة المغزو، فإذا أراد تدمير اقتصاده مثلًا فإنه قادر على ذلك من خلال تغيير أفكاره ورؤاه في التعامل مع الاقتصاد، وتوجيهه من خلال أفكار ورؤى أخرى يفرضها عليه من خلال عملية الغزو الثقافي ثم يتركه ليتعامل بها؛ وكذلك الأمر في أي مجال من مجالات الحياة.
الأمر جدُّ خطير، فيجب على الدولة مراعاة ذلك والتصدي له من خلال تأصيل الثقافة الأصيلة في نفوس أفراد المجتمع والعمل على تنميتها والنهوض بها. 
8/ 4/ 2015م
 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق