اعلان

الثلاثاء، 5 سبتمبر 2017

الخطاب الديني وإشكالاته (بقلم/ حسن الحضري)



تكمن أهمية الخطاب الديني في كونه يتعلق بالعقيدة، ومن هنا يجب على القائمين به أن  يدركوا خطورة النتائج المترتبة على أخطائهم التي يمكن أن يقعوا فيها، في أثناء قيامهم بعملهم، ولعلنا ندرك جميعًا أن من أكبر العوائق التي تقف في طريق الخطاب الديني الصحيح؛ الخطباء أنفسهم؛ لأن معظمهم  غير مؤهلين للدور المسند إليهم، فلا شيء لديهم سوى أن الدولة قد جعلتهم خطباء دون أن تتوافر فيهم مقومات الخطابة، التي تتصدرها القدرات اللغوية والفهم الصحيح لنصوص القرآن الكريم والسُّنَّة النبوية الشريفة، والقدرة على إسقاطها على الواقع بطريقة صحيحة لا خلل فيها ولا شطط؛ فالخطابة في الأصل هي معلومة صحيحة وموعظة حسنة ولسان فصيح، وأكثر الخطباء منذ سنوات طويلة ليسوا كذلك، فتراهم يخلطون الخطأ بالصواب، والزيف بالحقيقة، ويعرضون المعلومة ويسردون تفاصيلها بطريقة لا تدل على الهدف منها، ولا تكاد تسمع منهم كلمة فصيحة، فألسنتهم مبتلاة بداء اللحن، ولو حملت ما تسمع منهم على معنى ما ينطقون لحكمت بكفرهم.
  إن الله عز وجل أنزل القرآن الكريم على أهل اللغة ولم ينزله على أهل كتابَيْنِ كانوا منتشرين في شبه الجزيرة وما حولها، فاللغة هي الأساس، ومَن فهم اللغة فهم كل شيء، وليس العلم بحفظ كلماتٍ يحرِّفها اللسان الأعوج ويذهب بها في كل مذهب؛ بل الفهم الصحيح والاستقراء الواعي، به تُدرَك الفطرة الصحيحة التي فطر الله الناس عليها.
وفي التاريخ أمثلة كثيرة في هذا السياق، نذكر منها قصة الأعرابي الذي سمع رجلًا قد أخطأ في تلاوة آية قرآنية حيث قال: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالًا من الله والله غفور رحيم)، فقال له الأعرابي: ما هذا بكلام الله!! فرجع القارئ إلى حفظه فقال: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيم) [المائدة: 38]، فقال الأعرابي: صدقتَ؛ عزَّ فحكم فقطع، ولو غفر ورحم لما قطع.
يجب على المسؤولين عن اختيار هؤلاء الخطباء، أن يعلموا أن الكلمة أمانة، وأن كل أمانة تحتاج إلى مقومات تعين على أدائها، وهذه المقومات تحددها طبيعة الأمانة المتعلقة بها، فيجب التعامل انطلاقًا من هذه القاعدة؛ حتى يكون النجاح هو النتيجة المنتظرة.
الإثنين: 4/ 9/ 2017م