اعلان

الأحد، 27 مايو 2018

سدرة المنتهى (شعر/ حسن الحضري)

دعـــاكَ مِـــن غُــلَّــةِ الأشــــواقِ داعـيـهــا
فــالــقــلــبُ يـكـتــمُــهــا حـــيـــنًـــا ويُــبــديــهـــا
وقـمـتَ تَسـفَـحُ دمْــعَ العـيـنِ فــي وجَــلٍ
وبِــــتَّ تــحــتَ نــجــومِ الـلـيــلِ تُـحـصـيـهـا
أرســــلـــــتُ شِــــعـــــريَ أبـــيـــاتًـــا مــنــمَّـــقـــةً
وبــــــتُّ أنـــســـجُ مــــــا جــــــادت قـوافـيــهــا
مـــــاذا تــقـــدِّمُ أشــعـــاري لِـــمَـــنْ وقـــفـــتْ
تَــحــارُ فــــي وصــفِـــه أحــلَـــى مـعـانـيـهـا
أمْ مــــــا أســـطِّـــرُ فـــيـــه بــعــدمــا نـــزلـــتْ
آيــــــــــاتُ ربِّــــــــــكَ بـالــتــعــظــيــمِ نــتـــلـــوهـــا
يـــا سـيِّــدَ الثَّقَـلَـيْـنِ اشـتــدَّ بــــي ظَـمَـئِــي
وعـــــــــذَّبَ الـــنـــفـــسَ آمــــــــــالٌ أمــنِّــيـــهـــا
هل لي بِحَوضِكَ أُسقَى عـذبَ مـوردِه
قــــد فــــاز واردُ حــــوضٍ أنــــتَ سـاقـيـهـا
لـــمَّـــا رأيـــتُـــكَ فـــــــي نـــومــــي تـبــشِّــرُنــي
هــنَّــأتُ نـفـســي وقـــــد وافـــــتْ أمـانـيـهــا
وقلـتُ صـبـرًا لنفـسـي بـعـدَ مــا سمـعـتْ
فـــكـــلُّ مـــــــا هـــــــو مــكــتـــوبٌ سـيـأتـيــهــا
يـــــا رحـــمـــةً ربُّــــــكَ الــرحــمــنُ أرســلَــهــا
فـــقـــام يـتْـبَـعُـهــا مَـــــــن كـــــــان يــرجــوهـــا
ودعـــــــوةً مِــــــــن خــلـــيـــلِ اللهِ أطــلَــقَــهــا
أكـــــــرِمْ بِـسـائــلِــهــا أعــــظِــــمْ بِـمُـعـطـيــهــا
بـــــكَ الـنــهــارُ تـجــلَّــى يـسـتـضــيءُ بـــــه
مَـن قــام يـرجـو سبـيـلَ الـحـقِّ يَحْـدوهـا
فــــي لـحـظــةٍ شَــهِــدَ الـتَّـاريــخُ رَوعـتَـهــا
فــقـــام يــســجــدُ شـــكـــرًا فــــــي نـواحـيــهــا
والأرضُ قد كشفتْ عن حُسنِ زِينتِها
تَـــــــــؤُمُّ رحــــمـــــةَ ربٍّ أنـــــــــتَ مُــهــدِيــهـــا
والـكـائــنــاتُ بِـــثَـــوبِ الــشُّــكــرِ ســـاجـــدةٌ
للهِ ربِّــــــــــــــــكَ والآمــــــــــــــــالُ تَـــــحْــــــدوهــــــا
والـطَّـيــرُ فــــي جــوِّهـــا تــشـــدو بـأغـنِـيَــةٍ
إيـقـاعُـهـا الـحـمــدُ، والـتَّـسـبـيـحُ تـالـيـهــا
والـوحـشُ تـمــرحُ فـــي الـبـيـداءِ مُـوقِـنـةً
أنَّ الـــــــذي فـــطــــرَ الأكـــــــوانَ كــافــيــهــا
وأنـــــتَ فــــــوق الـنَّـبِـيِّـيــنَ الـــكـــرامِ لـــهـــم
إمـــامُ صــــدقٍ إلــــى الـخـيــراتِ تَـهـديـهـا
هُــــــم قـــدَّمـــوكَ بـــأمــــرِ اللهِ إذْ عــلِــمـــوا
بـــأنَّــــكَ الــخــاتَـــمُ الـمــبــعــوثُ مُــزْجــيــهــا
وأيــــــــنَ مِــثـــلُـــكَ تــــأتــــمُّ الــــهـــــداةُ بـــــــــه
إذَا تـــــــجـــــــرَّدَ لـــلــــرحــــمــــنِ داعـــــيـــــهـــــا
فـــكــــلُّ غـــايــــةِ خـــيــــرٍ أنـــــــتَ سـابِــقُــهــا
وكــــــــلُّ آيــــــــةِ مــــجــــدٍ أنـــــــــتَ قـــارِيـــهـــا
الــمــعـــجـــزاتُ حَـــــبَـــــاكَ اللهُ أعــظــمَـــهـــا
فــلــيـــس يَــبــلـــغُ مـــــــا بُــلِّــغـــتَ أهْــلُــوهـــا
والــــهــــازئـــــون تــــــولَّـــــــى اللهُ قـــتْـــلَـــهــــمُ
وعُـصـبــةُ الــسُّــوءِ ســهـــمُ اللهِ يـرمـيـهــا
أعــــمَـــــى بــصــائــرَهـــم ربُّ الـــبـــريَّــــةِ إذْ
رامُــــوا بـــــه غُـــــدرةً خــابـــتْ مـسـاعـيـهـا
مــــا كــذَّبــوكَ ولــكــنْ بـالـهُــدَى جــحَـــدوا
كـــذاك يـحـجَــدُ أهــــلَ الـفـضــلِ بـاغـيـهـا
الجِـذعُ حــنَّ وهــذِي الـشـاةُ قــد حلـبـتْ
وسـبَّــحــتْ حَـصَــيَــاتٌ بـــاســـمِ نـاشِـيــهــا
والـجِـنُّ قــد أيقـنـتْ أنَّ الـقـضـاءَ جـــرَى
بِــأعــظَـــمِ الأمـــــــرِ فــانــهـــدَّتْ مَــراقــيــهــا
جاءتكَ مُنصتـةً تُصغـي لِمَـا استمعـتْ
مِــن وحــيِ ربِّــكَ ذي الغـفـرانِ هـاديـهـا
لـــــولاكَ مـــــا خــلـــقَ الأكـــــوانَ خـالِـقُـهــا
سـبـحـانَ ربِّـــكَ ربِّ الـعــرشِ مُحصـيـهـا
وفِـــــي الـشــهــادةِ بــاســـمِ اللهِ مــقــتــرنٌ
أعـظِــمْ بـهــا نـعـمـةً قـــد جَــــلَّ مُعـطـيـهـا
وشَــــــــقَّ صــــــــدرَكَ إعـــــــــلاءً وتَـــزكِـــيَـــةً
فـــأنـــتَ أنـــقَـــى وأتـــقَـــى مَــــــن يـوافـيــهــا
وأنـــتَ أطــهــرُ مَــــن فــــي ظِـلِّـهــا نَـسَـبًــا
وأنــــتَ أكــــرمُ مَـــــن يـمــشــي بـأرضِـيـهــا
وقاكَ مِن شـرِّ مـا تصبـو النفـوسُ لـه
فـلـســتَ تـصـبــو إلــــى شـــــيءٍ يـرَدِّيــهــا
تـــلـــك الـســحــابــةُ إذْ جـــــــاءتْ تـظــلِّــلُــه
قـــد أيـقـنـتْ أنَّ هـــذا خـيــرُ مَــــن فـيـهــا
إلـيـه تُنـمَـى حـصـونُ الـمـجـدِ أجمـعُـهـا
والــمَــكــرُمــاتُ بـــــــــه تــــمَّـــــتْ مـعــانــيــهــا
سبـحـانَ ربِّــكَ مَــن أســـرَى بـــه فـسَــرَى
فـــــي لــيــلــةٍ وقــــــفَ الــتــاريــخُ يَـقْـفُــوهــا
وسِـــــــدرةُ الـمـنـتــهَــى بُــلِّــغـــتَ غــايــتَــهــا
ومــــــــا لِـــغـــيـــرِكَ مـــنـــهـــم أنْ يُــرَجِّــيــهـــا
لا أنـتَ بالفَـظِّ بيـنَ الـنـاسِ قــد علِـمـوا
ولا الــغــلـــيـــظِ إذا فـــــاضـــــتْ مــآقـــيـــهـــا
ولــســـتَ تَـغــضــبُ إلَّا لــلـــذي عـظُــمــتْ
آلاؤُه فـــجـــمـــيـــعُ الــــخَــــلــــقِ تَــــدرِيــــهـــــا
أنـقـذتَ قـومًـا دَنَــوا مِــن سُــوءِ خـاتـمـةٍ
وقُــمـــتَ لــلــنــاسِ بـــاســـمِ اللهِ تَـهـديــهــا
مـحـوتَ عنـهـم ظــلامَ الجـهـلِ فانقـلَـبـوا
بِـنــعــمــةٍ مِـــــــن عـــطــــاءِ اللهِ يُـســديــهــا
واخــــــــتــــــــاره اللهُ أمِّــــــــيًّــــــــا يـــعـــلِّـــمُـــهــــم
لَـــمْ يَـتــلُ مِــــن كُــتــبٍ أو كــــان قـارِيـهــا
والـغـيــثُ يَـهـطــلُ فـيـهــم بـعـدمــا قَـنَـطُــوا
حـتـى استـجـارَ مِــن الأشـطـانِ واديـهــا
والـمـاءُ مِــن أصبُعَـيْـهِ فــاض مُنبجـسًـا
فــــقــــام يَـــشـــهـــدُ قــاصِــيــهـــا ودانِـــيـــهـــا
يـا بْــنَ العـواتـكِ مِــن صُـلـبٍ إلــى رَحِــمٍ
بـالـطُّــهــرِ زيَّــنــهـــا الــرحــمـــنُ حـامــيــهــا
أنتَ الذي أشرقـتْ شمـسُ السـلامِ بـه
مِـن بعـدِ أنْ كـاد زَيــغُ البـغـيِ يُطفيـهـا
أقـــمـــتَ دولــــــةَ عــــــدلٍ أنــــــتَ قــائــدُهـــا
واللهُ هـــــــــادٍ إلـــيـــهــــا مَــــــــــن يــوافــيـــهـــا
والأمـــــرُ شُـــــورَى وعــيـــنُ اللهِ راصـــــدةٌ
وأنــــــتَ خـــيـــرُ دلـــيــــلٍ حـــيــــن نَـقْــفــوهــا
أنــــتَ الـنَّـجــاةُ لِــمَـــنْ ضــلَّـــتْ سـفـيـنـتُـه
إذا تـــشــــبَّــــثَ بـــــاســــــمِ اللهِ حــــاديــــهــــا
وأنــــتَ يـــــومَ الــوغَـــى دِرعٌ تــلُـــوذُ بــهـــا
فـوارسُ الـقـومِ حـيـن الخَـطـبُ يُشقيـهـا
أنــــتَ الـشِّـفــاءُ لِـنــفــسٍ غـالَــهــا سَــقَـــمٌ
وكــــــــــاد يُــهــلِــكُــهــا جُـــــــــــرمٌ ويُـــردِيــــهــــا
بَـسـطــتَ عــفــوكَ يــــومَ الـفـتــحِ مُـقـتــدرًا
ولـــــو أردتَ لَــعَـــمَّ الــقــتــلُ مَــــــن فــيــهــا
لـكـنْ أبـيـتَ سِــوى الإحـسـانِ يصـحـبُـه
فـيـضٌ مِــن الـعـفـوِ والـغـفـرانِ يُرضـيـهـا
أنــتَ الرحـيـمُ بـهِـم بـعـدَ الـــذي صـنـعـوا
ولــــــو تـــشـــاءُ لَـــذَلُّـــوا فــــــي أقـاصــيــهــا
هـلْ بعـدَ هـذا يـرُومُ النـاسُ مِـن خُـلُـقٍ
وهـــــلْ سِـــــواكَ بـــــه ازدانــــــتْ مَـرافـيــهــا
أنــــتَ الـمـشـفَّـعُ حــيــنَ الــكــلُّ مـنـشـغــلٌ
بـنـفــسِــه ودواعـــــــي الـــنــــاسِ تُـلْـهـيــهــا
صـلَّـى علـيـكَ إلـــهُ الـنــاسِ مـــا طـلـعـتْ
شـمــسٌ ومــــا قــــام بــالأفــلاكِ حـاديـهــا
هــــذِي إلــيــكَ قـصِـيــدِي أنــــتَ غـايـتُـهـا
في نَظمِها الصِّـدقُ باسـمِ اللهِ أُهديهـا
فـاقـبَــلْ فـديـتُــكَ نـفــســي أنـــــتَ قـائــدُهــا
إلـــــــــى الـــنـــجـــاةِ بــــأمـــــرِ اللهِ بـــاريـــهـــا
الجمعة: 9/ 9/ 2106م