اعلان

الثلاثاء، 22 نوفمبر 2016

الثقافة؛ بين التهميش والاحتكار والإقصاء (بقلم/ حسن الحضري)

ثمة عوامل ثلاثة تعدُّ من أهم وأقوى أسباب التدهور الثقافي، الذي تعاني منه بلداننا العربية في السنوات الأخيرة؛ تتمثل في: التهميش، والاحتكار، والإقصاء؛ فأما التهميش فهو سياسة تتَّبعها بعض الأنظمة الحاكمة، بقصدٍ أو غير قصدٍ، تجاه الأدباء والمثقفين، وإذا كان هذا التهميش مقصودًا؛ فإن الغرض منه هو التعتيم على أفكارهم، التي تخشى هذه الأنظمة من قدرتها على التأثير، سواء في الداخل أو في الخارج؛ وإذا كان غير مقصود؛ فإنه لا يخلو من سببين كلاهما مرٌّ؛ أوَّلهما أن تكون هذه الأنظمة فاقدة الوعي، غير مدركة أهمية العملية الثقافية ودورها في بناء المجتمع والنهوض به، فلا تضع ذلك في خطتها ولا تعِيره اهتمامًا، وهذا يجعلها بلا شك عرضةً للغزو الثقافي، الذي يمكِّن الغازي من السيطرة على ما يشاء من مؤسسات الدولة؛ من خلال توجيه عقول أبنائها إلى التعامل معها حسب الثقافة التي يرسمها لهم ويحقق من خلالها أهدافه غير المشروعة؛ وثانيهما أن تكون هذه الأنظمة فاقدة القدرة على تمييز الخبيث من الطيب، والغث من السمين، مهملةً قدراتِ أبنائها، غير مستعدة للإفادة منها، فيتم إهدار ما لديهم من أفكار يمكن أن تنهض بالوطن في حال الإفادة منها.         
وأما الاحتكار فهو سياسة يمارسها بعض الأدعياء والمتطفلين الذين وجدوا أنفسهم -بغير استحقاقٍ- أوصياء على شيءٍ من العملية الثقافية؛ سواء مِن قِبَلِ الدولة في المؤسسات العامة، أو مِن قِبَلِ أشخاصٍ بأعينهم في المؤسسات الخاصة، حيث يحتكرون لأنفسهم وللمقربين منهم فعاليات هذه المؤسسات، ولا يتيحون الفرصة لغيرهم في المشاركة؛ خشيةَ قدراتِ الآخرين وتفوقهم عليهم، فالباطل يخشى ظهور الحق، والرديء يخشى ظهور الجيد، والضعيف يخشى ظهور القوي؛ وهؤلاء الأدعياء والمتطفلون لا يدركون أنهم بأفعالهم هذه يخونون الأمانة، ويزيِّفون الحقائق؛ حيث جعلوا أنفسهم في الصدارة بغير اسنحقاق، وتقييم  أي أمرٍ يتم وفقًا لمعطياته، ولا معطيات لهؤلاء إلا الضعف والانحطاط؛ ويكمن الخطر في التعميم، الذي يسيء إلى من لا ذنب له، بل يسيء إلى المتضررين أنفسهم وليس إلى الجناة فقط.
وأما الإقصاء فهو سياسة يمارسها ضعفاء النفوس ومرضى القلوب، بغرض التخلص من كل رأيٍ أو مذهبٍ يخالفهم، وهم يعلمون علم اليقين أنه صاحب الحق، وأنهم أصحاب الباطل، فسياسة الإقصاء لا يمارسها إلا الضعفاء والمبْطلون، الذين يفتقدون القدرة على إثبات صحة آرائهم والدفاع عنها، ومقارعة الرأي بالرأي، والحجة بالحجة؛ وهم بأفعالهم هذه يحاولون فرض فكرٍ أو مذهب أدبي أو ثقافة بعينها، لا تناسب إلا قدراتهم المحدودة، التي لا ترقى إلى أداء الأمانة أو تحمُّل المسؤولية؛ فهم يقدِّمون مصالحهم الخاصة غير المشروعة على الصالح العام.
إن الدولة التي تريد أن تنهض نهضة حقيقية شاملة؛ عليها أن تتعامل مع العملية الثقافية، من منطلق إدراكها أنها هي الأساس في بناء الفرد والمجتمع؛ لأنها تتعلق بكل شيء يخصهما.
21/ 11/ 2016م

الأحد، 9 أكتوبر 2016

لغة الضاد (شعر/ حسن الحضري)

لـــغـــةُ الـــضَّـــادِ آمَـــنَـــتْ بِــعُــلاهـــا
كــــلُّ نــفــسٍ ســويَّــةٍ فـــــي رُؤاهـــــا
إنــمــا الــضَّــادُ أحـــــرُفٌ مُـشــرِقــاتٌ
بـضـيــاءِ الــهـــدَى لِــمَـــن يَـهــواهــا
هــــي بـالــقــرآن الـكــريــم تـســامَــتْ
شــــــرَّف الله قـــدْرَهـــا واصـطـفــاهــا
يـرتــوي مِــــن آدابــهــا كــــلُّ صَــــبٍّ
مُـــغـــرَمٍ لا يـــمـــلُّ مِــــــن نــجــواهـــا
حَـمَـلَــتْ لُــــبَّ الـعِـلــم ثُــــمَّ تـبـاهَــتْ
وتـــأبَّـــتْ عـــلـــى مُـــرِيـــدِ سِـــواهــــا
هــي بـيـن اللُّـغـاتِ شـمــسٌ تـجـلَّـتْ
قُـــمْ فـسـبِّـحْ بـاســم الـــذي جــلَّاهــا
جمـعـتْ أحـسـنَ المـعـانـي وحـــازتْ
سِــدرةَ الحُـسـن فـــي أجـــلِّ حـلاهــا
صانـهـا الله مِــن قُـصــورٍ ونـقــصٍ
وحـبـاهـا مِـــن فـضـلـه مـــا حـبـاهـا
أبَـــــتِ الــضَّـــادُ أنْ يُـــبَـــرَّزَ فــيــهــا
غـــيــــرُ صَـــــــبٍّ مــتــيَّـــمٍ بِــهــواهـــا
لـيـس يعـلـو فــي الـضَّـاد إلَّا خَبِـيـرٌ
مـنــذ عـهــدِ الـصِّـبـا بـهــا يتـبـاهَـى
لـيـس يعـلـو فــي الـضَّــاد إلَّا وَفِـــيٌّ
لِـعـطــايــاهــا مُــقْـــتَـــفٍ لِــخُــطــاهـــا
مـنــذُ عـهــدِ الـصِّـبـا تَـشَــرَّبَ مـنـهـا
فــارتــوَى مِــــن رحـيـقِـهــا ورَواهـــــا
هــــي كــنــزٌ مِــــن الـكـنــوز ثـمــيــنٌ
فالتـمِـسْ منـهـا مِــن جـزيـل نَـداهـا
إنَّـمــا الــضَّــادُ والـفـصـاحـةُ شــــيءٌ
واحـــــــدٌ لا يَــــقــــوم دُونَ عُــــراهــــا
حَـفـرتْ فــي الـزمـان مـجـدًا أصـيـلًا
ثُـــمَّ قــامــت لِــمَــن يُـجـيــب نِــداهــا
غــايــةُ الـحُـســنِ والـجـمــالِ لـدَيـهــا
هــــي حــقًّــا قــــد بُـلِّـغــتْ مُنـتـهـاهـا
هــبــةٌ مِــــن هِــبــاتِ ربِّــــك فـاعـلَــمْ
لــــيـــــس إلَّا بــفــضــلِـــه تُـــؤتـــاهــــا
أصــبَـــحَ الــيـــومَ يَـدَّعِـيـهــا أنـــــاسٌ
مِن ذَوِي الجهل قصَّروا عن مَداها
هــــي مـنـهــم عــنـــدَ الإلـــــه بَـــــراءٌ
تَــلــتــجِـــي للهِ الـــــــــذي أعــــلاهـــــا
قـتــلــوهــا بِــــســــوءِ درسٍ ولــــكــــنْ
ربُّــــــــكَ اللهُ ضــــامـــــنٌ مَــحــيــاهـــا
هــــم أضـاعـوهــا بالـجـهـالـةِ حــقًّـــا
حــيــنَ ضــلُّــوا أمـجــادَهــا وقُــواهـــا
فـدَعُـوا مَــن تخـاذَلُـوا الـيــومَ حـتَّــى
عـجــزوا عـنـهـا فاستـبـاحـوا أذاهـــا
وأقِــيـــمـــوا لــســانَــكــم لا تَـــضِـــلُّـــوا
وانهَـلُـوا منـهـا مــا يـحــوزُ رضـاهــا
23/ 8/ 2016م

الأربعاء، 28 سبتمبر 2016

صدور كتاب "سطور من الواقع" للشاعر والكاتب حسن الحضري

صدر -بحمد الله- كتابي الجديد "سطور من الواقع"، عن مكتبة الآداب للنشر والتوزيع بالقاهرة؛ ويضم الكتاب ثمانية وثلاثين مقالًا نقديًّا، ناقشت فيها بعض القضايا ذات الأهمية، في الثقافة والأدب والاجتماع والسياسة وغير ذلك من القضايا التي تشكِّل كيان الفرد والمجتمع؛ موضحًا آرائي ومقترحاتي للتعامل معها بشكل صحيح.
وكان قد صدر لي قبل هذا الكتاب؛ خمسة دواوين، وكتاب "الصحيح في علم العروض"، وكتاب "القرآن الكريم يحدد ماهية الأدب".


الأحد، 25 سبتمبر 2016

لي في الهوى حَرفانِ (شعر/ حسن الحضري)

لِي في الهوى حَرْفَانِ قد سَبَقَ الجوى
بـــهـــمــــا فـــقـــامــــا يـــــأسِــــــرانِ فـــــــــــؤادي
فَــبِــذاك أقـتـســمُ الـمـســاءَ مـــــع الــكـــرَى
مــــــــــا بـــــيـــــن تــســهـــيـــدٍ ودَرْكِ مــــــــــرادِ
واللهُ ربُّ الــــــعــــــرشِ يــــعــــلــــمُ أنَّــــــنـــــــي
لا أنـــثــــنــــي عــــنــــهــــا بِــــــصِــــــدقِ ودادِ
يــــــا مــعــشــرَ الــعــشـــاقِ هـــــــل أُنـبِــئــتُــمُ
عــــــــن مِــــثــــلِ ذاك بِــــرائِــــحٍ أو غــــــــادِ
سُـوقُـوا إلــى الحـضَـريِّ عـطْــفَ مـــودَّةٍ
تـجــزيــه عـــــن هــــــذا الأســــــى الـــوقَّـــادِ
فــــي لـيــلــةٍ ذهـــــبَ الـسُّــهــادُ بِـصَـفْـوِهــا
وتــــكــــاثــــفــــتْ أشــــجــــانُــــهــــا لِــــــــوَفَــــــــادِ
دَعْ عـنــكَ هـــذا الـسُّـهْـدَ واطْــــوِ لـهـيـبَـه
فــالــصَّــفْــوُ والـتــســهــيــدُ رهـــــــــنُ نــــفـــــادِ
  ولــقـــد نــصــحــتُ لـــئـــامَ قــــــومٍ أدبــــــروا
واســتـــبـــدَلُـــوا بـــــالــــــودِّ شـــــــــــرَّ عـــــنــــــادِ
وأمــرتُـــهـــم بــالــخــيـــرِ لــــكـــــنْ أرسَــــنُـــــوا
سَـفَــهًــا خــطـــامَ الــمــكــرِ بـــعـــدَ رشــــــادِ
أنَّــــــى يـــقُــــومُ الأمـــــــرُ دونَ رشـــادِهــــم
والــغـــيُّ -فـاعــلَــمْ- رأسُ كـــــلِّ فـــســـادِ
أمْ كــيـــف تـصــمــدُ لـلــزمــانِ صـنــاعــةٌ
قـــامــــت دعـائــمُــهــا عــــلــــى الأحــــقــــادِ
لـــــــو أنَّـــهــــم فَــطِــنُـــوا لـــذلــــك لارتــــقَــــوا
عـــــــن كـــــــلِّ شــائــبـــةٍ مِـــــــنَ الــحُـــسَّـــادِ
لــكــنَّـــهـــم زلَّـــــــــــتْ بـــــهــــــم أحـــلامُــــهــــم
مــــا إنْ لــهــم بــيــنَ الــــورَى مِــــن هــــادِ
لــو أنَّـهــم صـبــروا كـصـبـري لـــم يـكــنْ
لــــهــــمُ بــــهــــذا الــــشــــرِّ مِـــــــــن إخــــفـــــادِ
لـكـنَّـهــم ظــنُّـــوا الأمــــــورَ كـــمـــا ارتَــــــأَوْا
ودعـــــاهـــــمُ لـــلــــشــــرِّ ســـــــــــوءُ عـــــتــــــادِ
لا تـــبـــتــــئِــــسْ فاللهُ ربُّــــــــــــــكَ عـــــــنــــــــدَه
لُـــــطْـــــفٌ، ولــلــطَّــاغِــيــنَ بــالـــمـــرصـــادِ

الثلاثاء: 12/ 5/ 2014م

الخميس، 18 أغسطس 2016

لو كانت الأشعار تنطق (شعر/ حسن الحضري)



لو كانت الأشعار تنطق بايعتْ
            حسن بـن مرعـي ربَّهـا وأميرَهـا
لـكـنــنــي أجــــــد الإمـــــــارة مـــنــــزلًا
           أوهَى وأوهـنَ فاطَّرحـتُ سريرَهـا
لا أدَّعــي الألـقــاب إنَّ وراءهـــا
           شرًّا يفجِّـرُ فـي الخفـاء سعيرَهـا