اعلان

السبت، 4 فبراير 2017

التفوق اللغوي؛ بين الموهبة والاكتساب (بقلم/ حسن الحضري)



 اللغة العربية لغة فريدة لها أفضليَّتها المعروفة، ويكفيها شرفًا أنها لغة القرآن الكريم؛ والمعروف أن فهْم العلوم المكتوبة بالعربية، يتوقف على مدى إتقان العربية والتفوق فيها، والملاحَظ أن التفوق في العربية يعتمد قبل كل شيء على الموهبة، ويكون ذلك ابتداءً من مرحلة الطفولة، ولو بحثت عن علماء الضاد المتقنين لعرفت أنهم برعوا فيها قبل أن يعرفوا معنى البراعة.
ومنذ سنوات انطلقت حملات متتالية لإحياء الفصحى باعتبار استخدام هذا التعبير من قبيل المجاز- لكنها باءت بالفشل؛ لأن القائمين عليها لم يراعوا أن اللغة كائن حي، لا يحسن التعامل معها إلا من برع فيها منذ طفولته، ويجب مراعاة ذلك عند التخصص في التعليم الجامعي؛ لأن من لا يحسن التعامل مع العربية في التعليم قبل الجامعي؛ فمن المحال أن يحسن التعامل معها بعد ذلك. 
إن اللغة العربية بصفة خاصة لا يصلح معها التعلُّم دون وجود موهبة، واستعداد فطريٍّ لسَبْر أغوارها، والوقوف على دقائقها، والتعايش معها بطريقة صحيحة، كما أن الموهبة اللغوية أيضًا لا بد من تنميتها بالدراسة الصحيحة والتوجيه القويم، مع مراعاة الفروق الفردية، التي تعتمد في الأساس على درجة الموهبة والاستعداد الفطري دون أي شيء آخر، فالتأصيل لمعايير التفوق اللغوي يجب أن ينطلق من القدرات الفردية باعتبار الموهبة والاستعداد الفطري، أما طرق التعليم فتكاد تكون عنصرًا ثانويًّا؛ لأنها إذا كانت صحيحة فلن ينتفع بها إلا من توافر فيه المعيار الأول، وإذا كانت غير صحيحة فلن ينتفع بها أحد، وسيبقى في النهاية صاحب المعيار الأول قادرًا بهذا المعيار على التفوق المستمر، مع التأكيد على أن طرق التعليم الفاشلة ربما تضر هؤلاء الموهوبين النابغين؛ لأن قدراتهم أكبر من طرق التعليم المتاحة، التي تنتج أجيالًا غير سويَّة، بسبب اعتمادهم على معايير فاشلة، وعدم تمكُّنهم من مسايرة ذوي القدرات والمهارات.
الثلاثاء: 24/ 5/ 2016م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق